فصل: سنة خمسين وسبعمائة:

صباحاً 7 :4
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
18
الخميس
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك (نسخة منقحة)



.سنة خمسين وسبعمائة:

أهل شهر الله المحرم: وقد تناقص الوباء.
وفيه أخرج الأمير قبجق إلى دمشق، على إمرة طبلخاناه.
وفيه اجتمع رأي كثير من طائفة الفقهاء الحنفية على أن يكون قاضيهم جمال الدين عبد الله بن قاضي القضاة علاء الدين بن عثمان التركماني، بعد موت والده في تاسعه وطلبوا ذلك من الأمير شيخو وغيره، فأجيبوا إليه. وطلب جمال الدين، وخلع عليه، واستقر قاضي القضاة الحنفية، ونزل إلى المدرسة الصالحية؛ وعمره دون الثلاثين سنة.
وفيه قدم الحاج، وفهم قاضي القضاة زين الدين عمر البسطامي. فترك قاضي القضاة جمال الدين عبد الله بن التركماني تدريس الحنفية بجامع أحمد بن طولون، فشكره الناس على هذا.
وفيه وقدم أيضاً قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة، فزوج قاضى القضاة عز الدين بن جماعة جمال الدين عبد الله بن التركماني بابنته.
وفيه وقدم أيضاً الأمير فارس الدين، وقد نازعه عرب بني شعبة في عمارة عين جوبان، فجمع لهم وقاتلهم، وقتل منهم جماعة، وجرح كثيراً وهزمهم؛ وقتل له مملوكان؛ وأصلح الأمير فارس الدين العين حتى جرى ماؤها بقلة وكان الغلاء بمكة شديداً بلغت الويبة من الشعير إلى سبعين درهما، فهلك كثير من الجمال؛ ووقع بمكة والمدينة وعامة بلاد الحجاز وبواديها وباء عظيم حتى جافت البوادي.
وفيه خلع على تاج الدين محمد بن علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى الأخنائي واستقر في قضاء القضاة المالكية، عوضاً عن عمه تقي الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى الأخنائي، بعد موته.
وفيه تقدم الوزير منجك لعلاء الدين علي بن الكوراني والي القاهرة بطلب الخفراء أصحاب الرباع، وإلزامهم بكتابة أملاك القاهرة ومصر وظواهرهما، وأسماء سكانها وملاكها؛ فكتبوا ذلك. وكان يوجد في الزقاق الواحد من كل حارة وخط عدة دور خالية، لا يعرف لها ملاك، فختم عليها. وتتبع الوالي الفنادق والمخازن ودار الوكالة والحواصل والشون وفعل فيها كذلك وفيه قدم الخبر بنفاق العشير وعرب الكرك، وذلك أن عشير بلاد الشام فرقنان- قيس، ويمن- لا ينفقان قط، وفي كل قليل يثور بعضهم على بعض ويكثر قتلاهم، فيأتي إليهم من السلطان من يجبيهم الأموال الكثيرة. فلما وقع الفناء في الناس ثاروا على عادتهم، وطالت حروبهم لاشتغال الدولة عنهم، فعظم فسادهم وقطعهم الطرقات على المسافرين. فجرد إليهم النائب- أعني الأمير أرغون شاه نائب الشام- ابن صبح مقدم الجبلية في عدة من الأمراء، فلم يظفر بهم، وأقام بالعسكر على اللجون وأخذ العشير في الغارات على بلاد القدس والخليل ونابلس، فكتب نائب غزة بمساعدة العسكر.
وفيه اشتدت الفتنة أيضاً في بلاد الكرك بين بني نمير وبني ربيعة، فإن الملك الناصر محمد بن قلاوون كان لما أعياه أمرهم وتحصنهم بجبالهم المنيعة أخذ في الحيلة عليهم، وتقدم إلى شطي أمير بني عقبة، وإلى نائب الشام ونائب غزة ونائب الكرك، بأن يدخلوا إلى البرية كأنهم يصطادون ويوقعون بهم؛ فقبضوا على كثير منهم، وقتلوا في جبالهم خلقا كثيراً منهم، وحبسوا باقيهم حتى ماتوا. فسكن الشر بتلك الجهات إلى أن كانت فتنة الناصر أحمد بالكرك، عاد بنو نمير وبنو ربيعة إلى ما كانوا عليه من الفساد، وقوي أمرهم. فركب إليهم الأمير جركتمر نائب الكرك، وطلع إليهم فقاتلوه، وقتلوا من أصحابه عشرة، وكسروه أقبح كسرة؛ فكتب لنائب الشام الأمير أرغون شاه بتجهيز عسكر لقتالهم.
وفي صفر: أنعم على عرب بن ناصر الدين الشيخي بإمرة طبلخاناه، وعلى شاورشي دوادار قوصون بإمرة عشرة.
وفي أول ربيع الأول: قدم قود الأمير جبار بن مهنا، صحبة ولده نعير.
وفيه قدم البريد من غزة بركوب نائبها على العشير، وكبسهم ليلا، وأسر أكثرهم، وقتل ستين منهم، وتوسيط الأسرى بغزة.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشريه: شنقت جارية رومية الجنس خارج باب النصر، عند مصلى الأموات. وسبب ذلك أنها كانت جارية أم الأمير يلبغا اليحياوي فاتفقت مع عدة من الجواري على قتل سيدتها، وقتلوها ليلا بأن وضعن على وجهها مخدة، وحبس نفسها حتى ماتت، وأقمن من الغد عزاءها، وزعمن أنها ضربت بدم. فمشت حيلتهن على الناس أياماً، إلى أن تنافسن على قسمة المال الذي سرقنه، وتحدثن بما كان، وأعترفن على الجارية التي تولت القتل، فأخذت وشنقت، وهى بإزارها ونقابها. وأخذ من الجواري ما معهن من المال، وكان جملة كثيرة. ولم يعهد بمصر امرأة شنقت سوى هذه.
وقد وقع في أيام المنصور قلاوون أن امرأة كانت تستميل النساء وترغبهن حتى تمضي بهن إلى موضع توهمن أن به من يعاشرهن بفاحشة، فإذا صارت المرأة إليها قبضها رجال قد أعدتهم، وقتلوها وأخذوا ثيابها. فاشتهر بالقاهرة خبرها، وعرفت بالخناقة؛ فما زال بها الأمير علم الدين سنجر الخياط والي القاهرة حتى قبص عليها، وسمرها.
ووقع أيضاً في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون أن امرأة بأرض الطبالة كانت عند طائفة البزادرية تفعل ذلك بالنساء، فقبض عليها، وسمروا وسمرت معهم؛ فكانت تقول- وهي مسمرة يطاف بها على الجمال في القاهرة- إذا رأت النساء وهن يتفرجن عليها: أه يا قحاب، لو عشت لكن لأفنيتكن، ولكن ما عشت.
وفي يوم الأربعاء تاسع عشريه: قدم الخبر بقتل الأمير أرغون شاه نائب الشام، وكان شأنه مما يستغرب.
وذلك أنه لما كان نصف ليلة الخميس ثالث عشريه لم يشعر الأمير أرغون شاه، وقد نزل بالقصر الأبلق من الميدان خارج مدينة دمشق، ومعه أهله، وإذا بصوت قد وقع في الناس بدخول العسكر، فثاروا بأجمهم. ودارت النقباء على الأمراء بالركوب ليقفوا على مرسوم السلطان. فركبوا جميعاً إلى سوق الخيل تحت القلعة، فوجدوا الأمير ألجيبغا المظفري نائب طرابلس، وإذا بالأمير أرغون شاه ماش، وعليه بغلوطاق صدر وتخفيفة على رأسه، وهو مكتف بين مماليك الأمير فخر الدين أياس.
وذلك أن ألجيبغا لما قدم من طرابلس سار حتى طرق دمشق على حين غفلة، وركب معه الأمير فخر الدين أياس السلاح دار، ثم ركب أياس بأصحابه، وأحاط بالقصر الأبلق، وطرق بابه وعلم الخدام بأنه قد حدث أمر مهم، فأيقظوا الأمير أرغون شاه؛ فقام من فرشه، وخرج إليهم، فقبضوا عليه، وقالوا حضر مرسوم السلطان بمسكه، والعسكر واقف. فلم يحسر أحد يدفع عنه، وأخذه أياس وأتى به ألجيبغا. فسلم أمراء دمشق على ألجيبغا، وسألوه عن الخبر، فذكر لهم أن مرسوم السلطان ورد عليه بركوبه إلى دمشق بعسكر طرابلس، وقبض أرغون شاه وقتله والحوطة على موجوده؛ وأخرج لهم كتاب السلطان بذلك؛ فأجابوا بالسمع والطاعة، وعادوا إلى منازلهم؛ ونزل ألجيبغا بالميدان.
وأصبح يوم الخميس: فأوقع ألجيبغا الحوطة على موجود أرغون شاه؛ وأصبح يوم الجمعة أرغون شاه مذبوحا. فكتب ألجيبغا محضراً بأنه وجد مذبوحاً والسكين في يده، فأنكر الأمراء ذلك عليه، وكونه لما قبض أموال أرغون شاه لم يرفعها إلى القلعة على العادة، واتهموه فيما فعل، وركبوا لحربه يوم الثلاثاء ثامن عشريه. فقاتلهم ألجيبغا، وجرح الأمير مسعود بن خطير، وقطعت يد الأمير ألجيبغا العادلي، وقد جاوز تسعين سنة.
وولي ألجيبغا نائب طرابلس، ومعه خيول أرغون شاه وأمواله؛ وتوجه نحو المزة، وصحبته الأمير أياس الذي كان نائب حلب، ومضى إلى طرابلس.
وسبب ذلك أن أياس لما عزل من نيابة حلب بأرغون شاه، وأخذت أمواله وسجن، ثم أفرج عنه واستقر من جملة أمراء دمشق وأرغون شاه نائبها. وكان أرغون شاه يهينه ويخرق به. واتفق أيضاً إخراج ألجيبغا المظفري من القاهرة إلى دمشق أميراً بها، فترفع عليه أرغون شاه وأذله، فاتفق مع أياس على مكيدة. وأخذ ألجيبغا في السعي لخروجه من دمشق عند الأمراء، وبعث إلى الأمير بيبغا روس نائب السلطان وإلى أخيه الوزير منجك هدية سنية، فولوه طرابلس كما تقدم، وأقام بها إلى أن كتب يعرف السلطان والأمراء أن أكثر عسكر طرابلس مقيم بدمشق، وطلب أن يكتب لنائب الشام يردهم إلى طرابلس، فكتب له بدلك. فشق على أرغون شاه أن ألجيبغا لم يكتب إليه يسأله، وإنما كتب إلى السلطان والأمراء دونه، وكتب إلى ألجيبغا بالإنكار عليه، وأغلظ له في القول، وحمل البريد إليه مشافهة شنيعة؛ فقامت قيامة ألجيبغا عند سماعها، وفعل ما فعل.
ولما قدم خبر قتل الأمير أرغون شاه ارتاع الأمراء، واتهم بعضهم بعضا. فخلف كل من شيخو والنائب بيبغا روس على البراءة من قتله، وكتبوا إلى ألجيبغا بأنه قتل أرغون بمرسوم من، وإعلامهم. بمستنده في ذلك؛ وكتب إلى أمراء دمشق بالفحص عن هذه الواقعة.
وكان ألجيبغا وأياس قد وصلا إلى طرابلس، وخيما بظاهرها فقدمت في غد وصولهما كتب أمراء دمشق إلى أمراء طرابلس بالاحتراز على ألجيبغا حتى يرد مرسوم السلطان، فإنه فعل فعلته بغير مرسوم السلطان، ومشت حليته علينا، وكتبوا إلى نائب حماة ونائب حلب وإلى العربان بمسك الطرقات عليه. فركب عسكر طرابلس بالسلاح، ووقفوا تجاه ألجيبغا، وأحاطوا به. فوافاهم كتاب السلطان بمسكه، وقد صار عن طرابلس، فساروا خلفه إلى نهر الكلب عند بيروت، فإذا أمراء العربان، وأهل بيروت واقفون في وجهه. فوقف ألجيبغا نهاره، ثم كر راجعاً، فقابله عسكر طرابلس، فقبض عليه وفر أياس، فلم يقدر عليه. ووقعت الحوطة على مماليك ألجيبغا وأمواله، وأخذ الذي كتب الكتاب بقتل أرغون شاه، فاعتذر بأنه أكره على ذلك، وأنه غير الألقاب وكتب أوصال الكتاب مقلوبة حتى يعرف أنه مزور. وحمل ألجيبغا مقيد إلى دمشق. فقبض نائب بعلبك على أياس، وقد حلق لحيته ورأسه واختفي عند بعض البصارى، وبعث إلى دمشق فحبسا بقلعتها، وكتب بذلك إلى السلطان والأمراء.
وكان قد ركب الأمير قجا السلاح دار البريد إلى دمشق بأمر السلطان، فأخرج أياس وألجيبغا ووسطهما، وعلقهما على الخشب يوم الخميس حادي عشري ربيع الآخر. وكان عمر ألجيبغا نحو تسع عشرة سنة، وهو ما طر شاربه.
وفيه كتب باستقرار الأمير أرقطاى نائب حلب في نيابة الشام، عوضا عن أرغون شاه. واستقر الأمير قطليجا الحموي نائب حماة في نيابة حلب، عوضاً عن الأمير أرقطاى واستقر أمير مسعود بن خطير في نيابة طرابلس، عوضا عن ألجيبغا المظفري.
وفيه قدم طلب أرغون شاه ومماليكه وموجوده، ثم وصل طلب ألجيبغا ومماليكه وأمواله وأموال أياس؛ فتصرف الوزير منجك في الجميع.
وفيه قدم الخبر بموت الأمير أرقطاي نائب الشام، فكتب باستقرار الأمير قطليجا نائب حلب في نيابة الشام، وتوجه ملكتمر المحمدي بتقليده. فقدم الخبر بأن ملكتمر المحمدي قدم حلب وقطليجا متغير المزاج، فأخرج ثقله بريد دمشق، وأقام بظاهر حلب مدة أسبوع ومات، فأراد بيبغا روس النائب منجك إخراج الأمير طاز لنيابة الشام، والأمير مغلطاي أمير آخور لنيابة حلب؛ فلم يوافقا على ذلك، وكادت الفتنة أن تقع. فخلع على الأمير أيتمش الناصري واستقر في نيابة الشام، عوضاً عن قطليجا، في يوم الجمعة سادس عشرى جمادى الأولى، وتوجه إليها وخرج الأمير قماري الحموي إلى دمشق، وجمع أمراءها، وقبض على كثير منهم، وقيدهم وسجنهم.
وفي هذه الأيام: توقفت أحوال الدولة، وقطعت مرتبات الناس من اللحم والشعير، وصرف للماليك السلطانية عن كل أردب شعير خمسة دراهم، وقيمته اثنا عشر درهما.
وفي عاشر جمادى الآخر: خرحت التجريدة إلى قتال العشير والعربان. وسببه كثرة فسادهم ببلاد القدس ونابلس. وكان قد قبض على أدى بن فضل أمير جرم، وسجن بقلعة الجبل، ثم أفرج عنه بعناية الوزير منجك. فجمع أدى وقاتل سنجر بن علي أمير ثعلبة فمالت حارثة مع أدى، ومالت بنو كنانة مع سنجر، وجرت بينهم حروب كثيرة، قتل فيها خلائق، وفسدت الطرقات على المسافرين. فخرحت إليهم عساكر دمشق، فلم يعبئوا بهم. فلما ولي الأمير يلجك غزة استمال أدى بعد أيام، وعضده على ثعلبة؛ واشتدت الحروب بينهم، وفسدت أحوال الناس. فركب يلجك بعسكر غزة ليلا، وطرق ثعلبة، فقاتلوه وكسروه كسرة قبيحة، وألقوه عن فرسه إلى الأرض، وسحبوه إلى بيوتهم فقام سنجر بن علي أمير ثعلبة عليهم حتى تركوا قتله، بعد أن سلبوا ما عليه، وبالغوا في إهانته، ثم أفرجوا عنه بعد يومين فعاد يلجك إلى غزة، وقد اتضع قدره وتقوى العشير بما أخذوه من عسكره، وعز حانبهم، فقصدوا الغور، وكبسوا القصير المعيني، وقتلوا به جماعة كثيرة من الجبلية وعمال المعاصر، ونهبوا جميع ما فيه من القنود والأعمال والعسكر وغيره، وذبحوا الأطفال على صدر الأمهات. وقطعوا الطرقات، فلم يدعوا أحداً يمر من الشام إلى مصر حتى أخذوه. وقصدوا القدس، فخلى الناس منه ومن الخيل ثم قصدوا الرملة ولد فانتهبوها؛ وزادوا في التعدي، وخرحوا عن الحد، والأخبار ترد بذلك.
فوقع الاتفاق على ولاية الأمير سيف الدين دلنجي نيابة غزة، وأبقى على إقطاعه بمصر، وخلع عليه وأخرج إليها وكتب بخروج ابن صبح من دمشمق على ألفي فارس، وتجهز الوزير منجك ومعه ثلاثة أمراء من المقدمين، وهم المحمدي وأرغن الكاملي وطقتمر فسار قبلهم لاجين أمير آخور في جماعة من طريق عقبة أيلة، في يوم السبت رابع عشره.
وبينما الوزير ومن معه في أهبة السفر إذ قدم الخبر أن الأمير قطيلجا توجه من حماه إلى نيابة حلب، عوضاً عن الأمير أرقطاي فوحد طلب أرقطاى وقد برز خارج حلب يريد القاهرة، فأعاقه لعمل محاسبة إقطاع النيابة بحلب، وركب بحلب موكبا. ثم ركب الأمير قطليجا الموكب الثانى، ونزل وفي بدنه تغير؛ فلزم الفراش أسبوعاً ومات. فسأل أرغون الكاملي أن يستقر عوضه في نيابة حلب، فأجيب إلى ذلك، وخلع عليه في يوم الخميس؛ وأنعم بتقديمة على الأمير قطلوبغا الذهبي، ورسم بسفره في يوم الخميس المذكور.
وخرج الوزير منجك في تجمل عظيم، وقد كثرت القالة في أنقضاء مدته ومدة أخيه الأمير بيبغا روس، وأن الأمير شيخو وطاز ومغلطاي وغيرهم من الأمراء قد اتفقوا عليهما حتى بلغهما ذلك، وأن الوزير منجك قصد إبطال التجريدة.
وهذا وقد قدم الوزير النجابة لكشف أخبار العشيرة، فلما رحل عن بلبيس عادت نجابته بأن ثعلبة ركبت بأجمعها، ودخلت برية الحجاز، لما بلغهم مسير العسكر إليهم، فنهب أدى كثيراً منهم، وانفرد في البلاد بعشيرة. فعاد الوزير بمن معه، وعبر القاهرة في ثاني عشريه بعد أربعة أيام. وكان قد حصل للوزير في هذه الحركة من تقادم الكشاف والولاة والأمراء والمباشرين ما ينيف على مائة ألف دينار، فتلقته العامة بالشموع، وابتهجوا بقدومه، وأتته الضامنة بجميع أرباب الملاهي، وكان من الأيام المشهورة.
وفي مستهل رجب: قدم الخبر بأن الأمير دلنجي نائب غزة بلغه كثرة جميع العشير، وقصدهم نهب لد والرملة؛ فركب إليهم ولقيهم قريباً من لد، منزل تجاههم، وما زال يراسلهم ويخدعهم حتى قدم إليه نحو المائتين من أكابرهم، فقبضهم وعاد إلى غزة، وقد تفرق جمعهم، فوسطهم كلهم.
وفيه توحه طلب الأمير أرغون الكاملي إلى حلب.
وفيه قدم طلب الأمير أرقطاى مع ولده وفي يوم الخميس مستهل شعبان: خرج الأمير قبلاي الحاجب بمضافيه من الطبلخاناه والعشرات إلى غزة، لأحد شيوخ العشر.
وفي هذا الشهر: غير الوزير ولاة الوجه القبلي، وكتب بطلبهم، وعزل مازان من الغربية بابن الدواداري.
وفيه أضيف كشف الجسور إلى ولاة الأقاليم.
وفيه أعيد فار السقوف إلى ضمان جهات القاهرة ومصر بأجمعها، وكان قد سجن في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون، وكتب على قيده مخلد، بعد ما صودر وضرب بالمقارع لقبح سيرته. فلم يزل مسجونا إلى أن أفرج عن المحابيس في أيام الصالح إسماعيل، فافرج عنه في جملتهم، وانقطع إلى أن اتصل بالوزير منجك واستماله، فسلمه الجهات بأسرها، وخلع عليه، ومنع مقدمي الدولة من مشاركته في التكلم في الجهات، ونودى له في القاهرة ومصر، فزاد في المعاملات ثلاثمائة ألف درهم في السنة.
وفيه قدم الأمير قبلاي غزة، فاحتال على أدى حتى قدم عليه، فأكرمه وأنزله، ثم رده بزوادة إلى أهله فاطمأنت العشرات والعربان لذلك، وبقوا على ذلك إلى أن أهل رمضان. حضر أدى في بنى عمه لتهنئة قبلاي بشهر الصوم فساعة وصوله اليه قبض عليه وعلى بني عمه الأربعة، وقيدهم وسجنهم، وكتب إلى على بن سنجر: بأني قد قبضت على عدوك ليكون لي عندك يد بيضاء، فسر سنجر بذلك، وركب إلى قبلاى، فتلقاه وأكرمه، فضمن له سنجر درك البلاد. ورحل قبلاى من غده ومعه أدى وبنو عمه يريد القاهرة، فقدم في يوم الإثنين حادي عشره، فضربوا على باب القلة بالمقارع ضرباً مبرحاً وألزم أدى بألف رجل ومائتي ألف درهم، فبعث إلى قومه بإحضارها، فلما أخذت سمر هو وبنو عمه في يوم الإثنين خامس عشريه وقت العصر، وسيروا إلى غزة صحبة جماعة من أجناد الحلقة، فوسطوا بها. فثار أخو أدى، وقصد كبس غزة، فخرج إليه الأمير دلنجى ولقيه على ميل من غزة، وحاربه ثلاثة أيام، وقتله في اليوم الرابع بسهم أصابه، وبعث دلنجي بذلك إلى القاهرة، فكتب بخروج نائب صفد ونائب الكرك لنجدته، وفي مستهل شوال: توجه السلطان إلى الأهرام على العادة.
وفيه كثر الإنكار على الوزير منجك، فإنه أبطل سماط العيد، واحتج بأنه يقوم بحملة كبيرة تبلغ خمسين ألف في درهم، وتنهبه الغلمان، وكان أيضا قد أبطل سماط شهر رمضان.
وفي هذا الشهر: فرغت القيسارية التي أنشأها تاج الدين المناوي، بجوار الجامع الطولوني، من مال وقفه، وتشتمل على ثلاثين حانوتا.
وفيه خرج ركب الحاج على العادة، صحبة الأمير فارس الدين، ومعه عدة من مماليك الأمراء. وحمل الأمير فارس الدين معه مالا من بيت المال، ومن مودع الحكم، لعمارة عين جوبان بمكة، ومبلغ عشرة آلاف درهم للعرب بسبب العين المذكورة، ورسم أن تكون مقررة لهم في كل سنة. وخرج معه حاج كثير جداً، وحمل الأمراء من الغلال في البحر إلى مكة عدة آلاف أردب.
وفي مستهل ذي القعدة: قدم كتاب الأمير دلنجى نائب غزة بتفرق العربان، ونزول أكثرهم بالشرقية والغربية من أرض مصر، لربط إبلهم على البرسيم. فكبست البلاد عليهم، وقبض على ثلاثمائة رجل، وأخذ لهم ثلاثة آلاف جمل. ووحد عندهم كثير من ثياب الأجناد وسلاحهم وحوائصهم، فاستعمل الرجال في العمائر حتى هلك أكثرهم.
وفي نصفه: خرج الأمراء لكشف الجسور، فتوجه الأمير أرنان للوحه القبلي، وتوجه أمير أحمد قريب السلطان للغربية، وتوحه الأمير آقجبا للمنوفية، وتوجه أراى أمير آخور للشرقية، وتوجه أحد أمراء العشرات لأشمون.
وفيه توقف حال الدولة، فكثر الكلام من الأمراء والمماليك السلطانية والمعاملين والخوشكاشية وفيه طلب الأمير مغلطاي أمير آخور زيادة على إقطاعه، فكشف عن بلاد الخاص، فدل ديوان الجيش على أنه لم يتأخر منها سوى الإسكندرية ودمياط وقوة وفارس كور، وخرج باقيها للأمراء، وخرج أيضاً من الجيزة ما كان لديوان الخاص للأمراء. وشكا الوزير من كثرة الكلف والإنعامات، وأن الحوائج خاناه في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون مرتبها في كل يوم ثلاثة عشر ألف درهم، وهو اليوم اثنان وعشرون ألف درهم. فرسم بكتابة أوراق. بمتحصل الدولة ومصروفها، فبلغ المتحصل في السنة عشرة آلاف ألف درهم، والمصروف بديوان الوزارة وديوان الخاص أربعة عشر ألف ألف درهم وستمائة ألف درهم، وأن الذي خرج من بلاد الجيزة على سبيل الإنعام زيادة على إقطاعات الأمراء نحو ستين ألف دينار. فتغاضى الأمراء عند سماع ذلك إلا مغلطاي أمير آخور، فإنه غضب وقال: من يحاقق الدواوين على قولهم؟.
وفيه قدم طلب الأمير قطليجا الحموي من حلب، فوضع الوزير منجك يده عليه، وتصرف بحكم أنه وصي.
وفيه قدم الأمير عز الدين أزدمر الزراق من حلب، باستدعائه، بعد ما أقام بها مدة سنة من جملة أمراء الألوف، فأجلس مع الأمراء الكبار في الخدمة.
وفيه أخرج ابن طقزدمر إلى حلب؛ لكثرة فساده وسوء تصرفه.
وفيه خرج الأمير طاز لسرحة البحيرة، وأنعم عليه من مال الإسكندرية بألفي دينار.
وخرج الأمير صرغتمش أيضاً، فأنعم عليه منها بألف دينار.
ثم توجه الأمير بيبغا روس النائب للسرحة، وأنعم عليه بثلاثة آلاف دينار. وتوجه الأمير شيخو أيضا، ورسم له بثلاثة آلاف دينار.
وفيه أنعم على الأمير مغلطاي أمير آخور إرضاء لخاطره بناحية صهرجت زيادة على إقطاعه، وعبرتها عشرون ألف دينار في السنة فدخل الأمير شيخو في سرحته إلى الإسكندرية، فتلقته الغزاة بآلات السلاح، ورموا بالجرخ بين يديه، ونصبوا المنجنيق ورموا به. ثم شكوا له ما عندهم من المظلمة، وهي أن التاج إسحاق ضمن دكاكين العطر، وأفرد دكانا لبيع النشا فلا تباع بغيرها، وأفرد دكانا لبيع الأشربة فلا تباع بغيرها، وجعل ذلك وقفا على الخانكاه الناصرية بسرياقوس. فرسم بإبطال ذلك، وأطلق للناس البيع حيث أحبوا، وكتب مرسوم بإبطال ذلك وفي مستهل ذي الحجة: عوفي علم الدين عبد الله بن زنبور، وخلع عليه، بعد ما أقام أربعين يوماً مريضاً، تصدق فيها بثلاثين ألف درهم، وأفرج عن جماعة من المسجونين.
وفيه كتب الموفق ناظر الدولة أوراقا بما استجد على الدولة، من وفاة السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى المحرم سنة خمسين وسبعمائة، فكانت جملة ما أنعم به وأقطع- من بلاد الصعيد وبلاد الوحه البحري وبلاد الفيوم، وبلاد الملك، وأراضي الرزق- للخدام والجواري وغيرهن سبعمائة ألف الف أردب، وألف ألف وستمائة ألف درهم، معينة بأسماء أربابها من الأمراء والخدام والنساء، وعبرة البلد ومتحصلها، وجملة عملها وقرئت على الأمراء، ومعظم ذلك بأسمائهم، فلم ينطق أحد منهم بشىء.
وفيه أبطل الوزير منجك سماط عيد النحر أيضاً.
وفيها أبطل ما أحدثه النساء من ملابسهن. وذلك أن الخواتين نساء السلطان وجواريهن أحدثن قمصانا طوالا تخب أذيالها على الأرض، بأكمام سعة الكم منها ثلاثة أذرع، فإذا أرخته الواحدة منهن غطى رجلها، وعرف القميص منها فيما بينهن بالبهطلة، ومبلغ مصروفه ألف درهم فما فوقها. وتشبه نساء القاهرة بهن في ذلك، حتى لم يبق امرأة إلا وقميصها كذلك. فقام الوزير منجك في إبطالها، وطلب والي القاهرة ورسم له بقطع أكمام النساء، وأخذ ما عليهن.
ثم تحدث منجك مع قضاة القضاة بدار العدل يوم الخدمة بحضرة السلطان والأمراء فيما أحدثه النساء من القمصان المذكورة، وأن القميص منها مبلغ مصروفه ألف درهم،؛ وأنهن أبطلن لبس الإزار البغدادي، وأحدثن الإزار الحرير بألف درهم، وأن خف المرأة وسرموزتها بخمسمائة درهم. فأفتوه جميعهم بأن هذا من الأمور المحرمة التى يجب منعها، فقوى بفتواهم، ونزل إلى بيته، وبعث أعوانه إلى بيوت أرباب الملهى، حيث كان كثير من النساء، فهجموا عليهن، وأخذوا ما عندهن من ذلك.
وكبسوا مناشر الغسالين ودكاكين البابية، وأخذوا ما فيها من قمصان النساء، وقطعها الوزير منجك. ووكل الوزير مماليكه بالشوارع والطرقات، فقطعوا أكمام النساء، ونادى في القاهرة ومصر بمنع النساء من لبس ما تقدم ذكره، وأنه متى وجدت امرأة عليها شىء مما منع أخرق بها وأخذ ما عليها.
واشتد الأمر على النساء، وقبض على عدة منهن، وأخذت أقمصتهن. ونصبت أخشاب على سور القاهرة بباب زويلة وباب النصر وباب الفتوح، وعلق عليها تماثيل معمولة على صور النساء، وعليهن القمصان الطوال، ارهابا لهن وتخويفا.
وطلبت الأساكفة، ومنعوا من بيع الأخفاف والسراميز المذكورة، وأن تعمل كما كانت أولا تعمل، ونودي من باع إزاراً حريراً أخذ جميع ماله للسلطان. فانقطع خروج النساء إلى الأسواق، وركوبهن حمير المكارية، وإذا وجدت امرأة كشف عن ثيابها. وامتنع الأساكفة من عمل أخفاف النساء وسراميزهن المحدثة، وانكف التجار عن بيع الأزر الحرير وشرائها، حتى إنه نودي على إزار حرير بثمانين درهماً فلم يلتفت له أحد، فكان هذا من خير ما عمل.
وفيه استقر جمال الدين يوسف المرداوي في قضاء الحنابلة بدمشق، بعد وفاة علاء الدين على بن أبي البركات بن عثمان بن أسعد بن المنجا.
وفيه استقر نجم الدين محمد الأزرعي في قضاء الشافعية بحلب، بعد وفاة نجم الدين عبد القاهر بن أبي السفاح.
وفيه توقف النيل، ثم زاد حتى كان الوفاء في جمادى الآخرة. ثم نقص نحو ثلثي ذراع، وبقى على النقص إلى النوروز، وهو ستة عشر ذراعا وإحدى وعشرين اصبعاً. ثم رد النقص وزاد إصبعين، فبلغ ستة عشر ذراعاً وثلاثاً وعشرين اصبعاً في يوم عيد الصليب.
وفيه أضاع الولاة عمل الجسور، وباعوا الجراريف حتى غرق كثير من البلاد.
ومع ذلك امتدت أيديهم إلى الفلاحين، وغرموهم ما لم تجر به عادة؛ فشكى من الولاة للوزير، فلم يلتفت لمن شكاهم.

.ومات فيها من الأعيان:

شيخ الإقراء شهاب الدين أحمد بن موسى بن موسك بن جكو الهكاري بالقاهرة، عن ست وسبعين سنة، في ثاني عشر جمادى الأولى. وكتب بخطه كثيراً، ودرس القراءات والحديث ومات النحوى شهاب الدين أحمد بن سعد بن محمد بن أحمد النشائي الأندرشي بدمشق، وله شرح سيبويه في أربعة أسفار.
ومات مكين الدين إبراهيم بن قروينة بعد ما ولي استيفاء الصحبة ونظر البيوت، ثم ولي نظر الجيش مرتين، وصودر ثلاث مرات، وأقام بطالا حتى مات ومات الأمير أرغون شاه الناصري نائب الشام، مذبوحا، في ليلة الخميس رابع ربيع الأول رباه السلطان الناصر محمد بن قلاون حتى عمله أمير طبلخاناه رأس نوبة الجمدارية؛ ثم استقر بعد وفاته أستادارا أمير مائة مقدم ألف، فتحكم على المظفر شعبان حتى أخرجه لنيابة صفد، وولي بعدها نيابة حلب، ثم نيابة الشام. وكان جفيفاً قوي النفس شرس الأخلاق، مهابا جائراً في أحكامه، سفاكا للدماء غليظاً فحاشاً كثير المال وأصله من بلاد الصين، حمل إلى أبو سعيد بن خربندا، فأخذه دمشق خواجا بن جوبان، ثم ارتجعه أبو سعيد بعد قتل جربان، وبعث به إلى مصر هدية، ومعه ملكتمر السعيدى ومات الأمير أرقطاى المنصورى بظاهر حلب، وهو متوجه إلى دمشق، عن نحو ثمانين سنة، في يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى. وأصله من مماليك المنصور قلاوون، رباه الطواشي فاخر أحسن تربية، إلى أن توجه الناصر محمد بن قلاوون إلى الكرك كان معه. فلما عاد إليه ملكه جعله من جملة الأمراء، ثم سيره صحبة الأمير تنكز نائب الشام، وأوصاه ألا يخرج عن رأيه، وأقام عنده مدة. ثم تنكر عليه السلطان الناصر محمد، فولاه نيابة حمص مدة سنتين ونصف، ثم نقله لنيابة صفد، فأقام بها ثماني عشر سنة. وقدم مصر، فأقام بها عدة سنين، وجرد إلى أياس. ثم ولي نيابة طرابلس، ومات الناصر محمد وهو بها. ثم قدم مصر، وقبض عليه، ثم أفرج عنه، وأقام مدة. ثم ولي نيابة حلب، ثم طلب إلى مصر، فصار رأس الميمنة. ثم ولى نيابة السلطنة نحو سنتين، ثم أخرج لنيابة حلب، فأقام بها مدة. ثم نقل لنيابة الشام، فمات في طريقه لدمشق، فدفن بحلب، وكان مشكور السيرة ومات الأمير ألجيبغا المظفري نائب طرابلس، موسطاً بدمشق، في يوم الإثنين ثامن عشر ربيع الآخر.
وقتل معه أيضاً الأمير أياس وأصله من الأرمن، أسلم على يد الناصر محمد بن قلاوون، فرقاه حتى عمله شاد العمائر، ثم أخرحه إلى الشام، ثم أحضره غرلو، وتنقل إلى أن صار شاد الدواوين. ثم صار حاجباً بدمشق، ثم نائبا بصفد، ثم نائبا بحلب، ثم أميراً بدمشق، حتى كان من أمره ما تقدم ذكره ومات بدمشق الأمير طقتمر الشريفي بعد ما عمى.
ومات قاضى الشافعية بحلب نجم الدين عبد القاهر بن عبد الله بن يوسف بن أبي السفاح.
وتوفي نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن علي القرشي الأصفوني الشافعي، بمنى في ثالث عشر ذي الحجة. ودفن بالعلاء، وله مختصر الروضة وغيره.
وتوفي قاضي القضاة علاء الدين علي بن الفخر عثمان بن إبراهيم بن مصطفى المارديني، المعروف بابن التركماني الحنفي في يوم الثلاثاء عاشر المحرم بالقاهرة. وله كتاب الرد النقي في الرد على البيهقي وغيره، وله شعر، وكان الناصر محمد بن قلاون يكره منه اجتماعه بالأمراء، وكان يغلو في مذهبه غلواً زائداً.
وتوفي قاضي الحنابلة بدمشق، علاء الدين علي بن الزبن أبي البركات بن عثمان ابن أسعد بن المنجا التنوخي، عن ثلاث وسبعين سنة.
ومات الأمير قطليجا الحموي أصله المملوك المؤيد صاحب حماة، فبعثه إلى الناصر محمد بن قلاون، وترقى صار من جملة الأمراء. ثم ولي نيابة حماة، ونقل إلى نيابة حلب، فأقام بها أياما ومات، وكان سيىء السيرة.
وتوفي قاضى القضاة تقي الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السعدي الأخنائي المالكي، في ليلة الثالث من صفر ومات الأمير نوغيه البدري والي الفيوم.
وماتت خوند بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون، وهي زوجة الأمير طاز. وتركت مالا عظيماً، أبيع موجودها بباب القلة من القلعة بخمسمائة ألف درهم، من جملته فبقاب مرصع بأربعين ألف درهم، ثمنها ألف دينار مصرية.
ومات علم الدين بن سهلول. كان أبوه كاتباً عند بعض الأمراء، فخدم بعده أمير حسين بن جندر، ثم ولي الإستيفاء ونظر الدولة، شركة للموفق. ثم صودر ولزم بيته، وعمر دارا جليلة بحارة زويلة من القاهرة وفيها قام بتونس أبو العباس الفضل بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن عبد الواحد ابن أبي حفص في ذي القعدة، وكان فد قدم إلى تونس السلطان أبو الحسن علي بن أبي سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق ملك بني مرين صاحب فاس، وملك تونس وإفريقية ثم سار منها للنصف من شوال، واستخلف ابنه أبا العباس الفضل؛ فقام أبو العباس المذكور وملك تونس ملك أبيه.